mardi 25 août 2020

إلى امرأة ضاعت في منتصف الطريق

 

ألا يمكنني نسيانها؟

تركتها تحبني بطريقتها وتهرب مني في كل الوقت، وتغضب كلما رأتني وتثور في وجهي وتقول لصديقاتها أنها تكرهني وستقتلني وفي قتلي انتحارها.

ألا زالت تحتمل الألم لألمي وتتمنى لي الموت ونصف المرض وبعضا من اليأس حتى لا أسرع في سيري فتفقدني كما فقدنا براءتنا أمام المراة وبين دروب الحياة ورموش العين دمعة عاشق انحدرت من صمت الجياع.وتلتفت إلي لأنها تكرهني كما تزعم وتسخر مني وفي اعترافاتها جرح قديم يتجدد مولدها فيه و في نهاياتي الواعدة بليال كاذبة.

وابتسمت بعد فوات الأوان عندما قالت دعني أرفضك وأنتقم منك بطريقتي ووسائلي وابحث عنك لما أطردك وأبكي حين أضحك بسماع أخبارك وأرقص لعذابك وأنا أعلم كم تحبني وكم يجب أن تتحمل حماقاتي وسخافاتي لأنني لا أستطيع أن أعترف مثلك.

أخبرتني هكذا في عيد ميلادها الرابع و العشرين منذ أربع سنوات واعترفت أنها لا تهوى انهياري وتحبني من أجل صلابة مواقفي المنهارة المتأرجحة بين الثبات والوفاء اللامعقول وبين أسرارها والربع الأخير من غموضها حيث سقطت آخر جيوب المقاومة.

ليست حمقاء وليست ذكية كما كنت أتصورها بل هي امرأة كما طلبت مني أن تكون ، لم أنسى أنني انتشلتها من قائمة الأطفال وحملتها إلي باسم النساء وكان لي ما تبقى من طفولتها حلقة وصل لتمردها على الأوضاع القائمة.

هكذا كانت منذ سنين وقد رجوتني أن أرحل عنها أو ترحل عني ما رضيت بأي حل، أين الحل؟أستلغي الآن كل مواعيدها لتنتقم مني فيها ؟ لا أحزن،لا أغضب ،لا أيأس ودعوني أحبها بطريقتها وتعود إلي في آخر المطاف مع آخر الأعياد لتقول لي أكرهك وأعلم أنها تكذب وأصدقها وهي تحدق في عيني وتعترف أنها تحبني ولا أصدقها.

وبرغم هذا الصخب يبقى الأمل. الأمل هو ذاك الصباح المتجدد، ذاك الكتاب الذي أتصفحه كل ليلة أبحث فيه عنها وعني، في بعض فقراته تتوقف عقارب الساعة وتحملني الدهشة إلى صدمة أول لقاء، كانت الريح تعصف وكان الشارع الطويل يعج بالغرباء من أمثالنا وكان بالصدفة عيد المحبين.
يا لحظنا العاثر كادت الريح أن تخطفها مني في لحظات سهونا، أمسكتها من خصرها ومشينا في طريقنا إلى متحف المدينة

 في منتصف المسافة طرنا لسماء ثامنة بلا أجنحة.طرنا حيث لا يتواجد بشر هناك أين ارتكب ادم خطيئته الأولى.
بعد أربع سنوات لا زال الشوق يذبحني ولا زلت أرى وجهها
على الحيطان، ولا زالت لحظات الانتظار تعذبني ولا زالت صفارات الانذار توقظني من سباتي العميق ولا زال طيفها يطاردني داخل محطات القطارات المغادرة.
بعد أربع سنوات لا زال الجرح غائرا ولا زالت ذكراها تلهمني في منتصف الليالي لأكتب شيء عن سيرة امرأة مستبدة أحتفظ به لنفسي وأعود إليه كلما تحل ذكراها.
بعد أربع سنوات لا شيء تغير لا زال قطار منتصف النهار يقلع من المحطة في وقته المحدد ولا زالت الساعة الحائطية تحافظ على نظامها الدقيق ولا زالت هناك روحي تقف على الرصيف تودع المغادرين كل خميس.ولا زال جنوني يصور لي
وجهها في كل وجه امرأة مغادرة تجر حقائبها في عجل.ولا زلت أنا وفيا لأمراة خانت كل المبادئ وكل القيم.