lundi 15 mai 2017


من سلسلة رسائل لم تنشر

الا تكفيك 115 يوما من العزلة ؟
كانت كلماتي مرتبة ، مرصوفة ما يمكنني من احياء رواية (( بريد الموتى)) لكنها ضاعت مني كلها بمجرد أني تخيلتك تقفين أمامي بعد كل هاته المتاهة من الأيام.
115 يوما من موت قلم يكتب الغياب ما كنت أظنه يفيق من سباته العميق ،ما كنت أظنه اقرب من حبل الوريد.
كنت أتوقع مع كل صباح جديد مجيئك للاعتذار أو على الأقل تنبعثين من رمادك كالعنقاء في اول ذكرى لأول لقاء...
في صباح ذكرى أول لقاء يا مي جلست في نفس المكان، بنفس المطعم ، في نفس التوقيت وانتظرتك.ظل كرسيك فارغا امامي..اقترب مني النادل طلبت وجبة لي ووجبة لك كما كنت تطلبينها من قبل وانتظرت . طال الانتظار ولم أكل شيئا وحين انصرافي التمست لك اكثر من عذر وقلت لعلك تأتين يوما ولو متأخرة لتخمدين حرائقي يا أم الحرائق.
لا شيء يعجبني يا مي قلت لك في اخر لقاء ، كانت الريح تعوي والجو بارد والوقت متأخر في هذا المساء الشتوي وكنت حزينا من تصرفاتك ومن فشلي في اخذ لك اخر الصور على البساط الأحمر .كم من مرة قال لي يناير الأسود بعد ضياعك ، ما كان لك ان تركب قطارها ما دمت تعرف ان الوصول الى عينيها مستحيل...
وتماديت في حلمي احلم باشياء صورها لي جنوني الى غاية هذا المساء الحزين، هذا المساء الذي ودعتك فيه ولم اكن اعلم انه الوداع الأخير حيث قلت لك وانا امسك يدك بلطف (( اعلمي يا مي ما عادت الصداقة تكفيني واخشى ان أضيعك مع الصيف وهذا ما لا يرضيني اني احبك جدا..جدا..وجدا )) وكان اخر كلام. يومها لم اكن اعلم انه سيكون اخر كلام بيننا ومع تطور الأحداث ايقنت انك وقفت على حقيقة تكبرنا وصار المشي في نفس الاتجاه مستحيلا واصبحنا نلعب بالنار وقد نحرق المدينة برمتها كما كنت اقول لك مازحا ودائما وكنت تعقبين علي (( وقد نموت في احتراقها وهذا ما لا ارضاه لك ولي )).
الا تكفيك 115 يوما من العزلة يا مي ؟ فجراح الذاكرة لا تزال مفتوحة ولا زالت الأمكنة تهمس في اذني (( هنا لكما ذكرى ..هنا كانت لكما وقفة.. )) وتولدين من جديد على ارصفة المدينة في وجه كل امرأة تصادفني مبتسمة في وجه الصباح .مي لن تغيبك الأيام ستظلين مزارا لكل العاشقين،لكل المنفيين ولكل الذين غابوا ولا زالت تحتفظ بهم الذاكرة.

وهران 13 ماي 2017