mardi 12 novembre 2019

لكاتب والشاعر الجزائري روان علي شريف يفتك الجائزة الثانية بمصر


http://nbdelemirate.ae/24428.html

توج القاص و الكاتب و الشاعر الجزائري  ونائب  رئيس نادي وحي المثقفين التابع لجمعية الفضل , السيد :  روان علي شريف  بالمرتبة الثانية , مؤخرا بمسابقة مجلة همسة الدولية للأدب والفنون في طبعتها الرابعة بالقاهرة , عن خاطرة  تحمل عنوان” سارقة المعبد”, التي نالت إعجاب لجنة التحكيم, مع العلم أن المسابقة شهدت مشاركة 1500 نص ممثلة ب 16 دولة عربية , و قد حظي المبدع باستقبال حار بداية الأسبوع المنصرم بمحطة السكك الحديدية بمدينة وهران  عاصمة الغرب الجزائري , كما تلقب بالباهية ,  حيث استقبل بالورود و بالزغاريد التي دوت المكان ,و كان باستقباله أعضاء النادي و رئيس النادي عباس بن مسعود , و مديرة دار الثقافة السيدة: بختة قوادري , و نخبة من المثقفين و المبدعين و الكاتب محمد مخفي الذي أتى من ولاية معسكر , لاستقبال صديقه , إلى جانب العضور بالمجلس الشعبي الولائي مصابيح ميلود ,و رئيسة جمعية السلامة المرورية فاطمة شاشور , و جمعيات أخرى.
14632636_1805877502993425_5818017_o 14619977_1805877806326728_54375572_n
بهذا الصدد اتصلت صحيفة “نبض الامارات” بالمبدع روان علي شريف الذي نوه قائلا: “ما أثلج قلبي هي المفاجأة السارة التي نظموها لي أصدقائي في النادي وكذا بعض الجمعيات الفاعلة في المجتمع المدني وبعض الهيئات الرسمية ممثلة للمجلس الشعبي الولائي والبلدي وكذا مديرة دار الثقافة ورئيس حزب فتي, شكرا لكم أحبكم جميعا”.
و أضاف بذات الشأن : أولا كنت سعيدا بهذا التتويج الذي أهديه إلى الجزائر ثم إلى وهران وخاصة إلى نادينا الأدبي “وحي المثقفين الذي يناضل وينشط منذ سنوات لكي يكون له مكانا على الساحة الأدبية,  وفعلا بجهود وتكاثف أعضائه تمكنا من فرض أنفسنا على المشهد الثقافي والأدبي المحلي والوطني,  وما تتويجي بمرتبة مشرفة بمصر لا دليل قاطع بأننا خرجنا من المحلية إلى فضاء أرحب وتمكنا على الحصول على مرتبة مشرفة المرتبة الثانية من جملة 1500 نص ممثلة ب 16 دولة عربية, و قد حملت العلم الجزائري على كتفي و كلي فخر و اعتزاز بوطني الحبيب.
كما تجدر بنا الإشارة أن للكاتب العديد من الأعمال الأدبية , وهو دائما يشجع الشباب المبدع و يحثه على الكتابة و المضي قدما نحو عالم الإبداع بشتى مجالاته , وفي كلمته الختامية التي خص بها صحيفة نبض الامارات تقدم الشاعر بشكره لرئيس تحرير مجلة همسة الكاتب الصحافي فتحي الحصري ,و تقدم بشكر خاص لمعالي وزير الثقافة السيد عز الدين ميهوبي الذي ساعده على السفر من العاصمة الجزائرية إلى القاهرة فضلا عن مديرة  دار الثقافة الثقافة السيدة قادري التي قدمت له يد العون , و كل من ساهم من قريب أو من بعيد في تنظيم الحفل الذي نظم بجمهورية مصر العربية على شرف المتوجين , علما ان الحفل حضره ثلة من الفنانين و المثقفين و نجوم السينما.

lundi 4 novembre 2019

حواري مع جريدة الشعب الجزائرية.


على النّاشرين الجزائريّين التحلي بالصّدق والشّفافية والاحترافية
أكّد الكاتب روان علي شريف في حوار لـ «الشعب»، أنه بعد مسيرة حافلة بالعطاء ومكانته الأدبية ومساهماته الفاعلة في ازدهار الحركة الأدبية المحلية وتصويب مسيرتها، لم تشفع له أمام دور النشر والتوزيع الجزائرية، التي يتغلب فيها المعيار المادي، منوّها في الوقت نفسه إلى أن الأدباء الجزائريين، ولاسيما الشباب منهم يحتاجون لالتفاتة جادة حتى يتمكّنوا من تثبيت أقدامهم بقوة في الساحة الأدبية في الداخل والخارج.
الشعب: ما هي التّحديات التي واجهتك في بداية طريقك الأدبي وكيف تجاوزتها ؟
 روان علي شريف: الصعوبات التي واجهتني في مساري الأدبي هي مشقة البحث عن الناشرين، وهو حال أغلب الكتاب الجزائريين في ظل العلاقة الشائكة والمرتبكة بين الناشر والمؤلف، والمبنية على الشك والريبة وعدم الثقة من جهة المؤلف تجاه الناشر، إلا ما ندر، رغم مرور أكثر من 160 عام على دخول صناعة النشـر في الجزائر، منذ أن أنشأ المعمّر الفرنسي ألكسندر موغان أول مطبعة داخل التراب الجزائري في وسط مدينة البليدة، وذلك عام 1857م، وتسبقنا أوروبا بما يقرب من خمسة قرون منذ اختراع الطباعة الحديثة عام 1440م على يد يوحنا جودنبرج، فيما كانت بدايات صناعة النشر في وطننا العربي بمصر على يد نابليون يوم غزا مصر في 1798.
وهل هذا هو السبب وراء قرارك النّشر بالخارج مقابل عديد التّنازلات؟
 قد عملت الثَّورة المعلوماتية على إلغاء الحدود الجغرافية وتحويل العالم قرية كونية صغيرة، ممّا ساهم في تكريس التقارب والتفاعل الثقافي بين الشعوب والحضارات، وامتد ليشمل معظم مجالات الحياة وجوانبها، بما فيها ظاهرة الإبداع الأدبي التي مرت بعدة مراحل تطورية، كان الدافع من ورائها هو مواكبة تطور المجتمع والحياة الاجتماعية للسكان. وهذا يتضمّن بشكل أو بآخر الكاتب الجزائري والمبدع بصفة عامة الذي بدأ يكتشف عوالم جديدة مع التطور الهائل في وسائل الاتصالات، ومن بينها دور النشر الأجنبية وأساليب عملها المرنة والمحفزة للتعامل معها مقارنة بدور النشر الوطنية التي لا زالت تعمل بطرق بدائية وبعقلية متحجرة، زيادة على ذلك هناك من الناشرين من يتصرفون بالمفهوم التجاري فقط، فمنهم من يقوم بطبع العمل ويشترط على المؤلف أن يدفع له مبلغ الطبع مسبقا، في حين عملية التوزيع لا تهمه، وإن أراد المؤلف توزيع العمل فعليه أيضا أن يدفع المبلغ مسبقا، في حين أنّ مستحقات الكاتب من المبيعات، تتوقف على شطارة وحنكة الناشر الموزع، حتى وإن كانت المبيعات  لا تهمه ولا تفيده بقدر ما يهمه الحصول على حقه مسبقا، هذا إن كان الموزع من الخواص، أما إذا كانت الدار تابعة للقطاع العام، فإن المعارف والمحسوبية والواسطة هي سيدة الموقف.
 هل هذه العراقيل تصادف المؤلّف بدور النّشر الخاصّة فقط؟
 
 أنا أتحدّث، عن وعي، بعيدا كل البعد عن الأنانية والذاتية المنغلقة، وسبق لي وأن حاولت التعامل مع أشهر المؤسسات العمومية، ولا زلت أحتفظ بعديد المراسلات بيني وبينها، كان آخرها رسالة، أكدوا فيها أن العمل بلغهم وسيمر على لجنة القراء في مدة لا تتعدى ثلاثة أشهر، إلا أنهم تحجّجوا بعد انقضاء المدة بتزامن ذلك مع معرض الجزائر الدولي للكتاب، وقد انتظرت سنة كاملة ولكن دون جدوى، وهذا ما يجعل الكتّاب أمثالي يهجرون دور النشر الوطنية التي أغلبها لا تحترم التزاماتها، ولا تكلف نفسها حتى المشاركة في المعارض الدولية لتسويق وترويج منتوجها خلافا للدور الأجنبية.
 هذا السبب في حدِ ذاته كافٍ للنفور منها، فأغلب الكتاب الجزائريين  يفضلون دور النشر الأجنبية حتى وإن يتنازل البعض عن حقوقهم، مقابل خمسين أو سبعين نسخة من أعمالهم، وهذا ما حصل معي ومع بعض الكتاب الجزائريين، الذين تعاملوا مع دار «المعتز» الأردنية، فبعد انتظار دام سبعة عشر شهرا تمكنت من طبع مجموعتي الأولى التي ظلت حبيسة الأدراج.
رغم أني كنت قد استبشرت خيرا في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية سنة 2007، حيث وبإلحاح من كاتب معروف على الساحة الوطنية وعضوا في لجنة القراءة وقتها بعثت مخطوطي للمكلفين بإجازة العمل ووصلتني أصداء طيبة بأنّ عملي كان مبرمجا  للطبع، لكن جميع الوعود والالتزامات تبخرت وأصبت بخيبة أمل كبيرة، إلى أن نصحني زملائي في مناسبات عديدة بالتقرب من  دور نشر بالمشرق العربي، تطبع أعمال الكتاب (الفقراء) بعد تمحيصها وإجازتها، مقابل تنازلهم عن حقوقهم، كما تتعهد الدار أن تمنحهم ما بين 50 إلى 70 نسخة من مجموع 2000 المتفق عليها في العقد، وتقوم بتوزيع وبيع ما تبقى في المعارض الدولية التي تشارك فيها، حيث يضمن المؤلف الانتشار الواسع لعمله خارج وطنه ويتحصل على شهرة واسعة خارج الديار، لأن المقروئية في المشرق العربي أعلى مستوى، وهذا ما لم يتوفر للكاتب داخل الوطن، حتى وإن أنفق كل ماله في الطبع.
كلمة لدور النّشر والتّوزيع الجزائرية؟
 يبدو أنّ هناك خلل حقيقي بين الناشر والمؤلف في الوطن العربي عامة، والجزائر خاصة، وهو ما يستدعي توطيد العلاقة بين الطرفين خدمة للإبداع والمبدعين ونخوة على الهوية العربية ثقافة وفنا وأدبا، ولا بد للناشر أن يحترم المؤلف ولا ينظر إلا إلى مصلحته الخاصة في إبرام عقود الطباعة، وإنّما يتعهّد أيضا بالتوزيع وإقامة ندوات ترويجية للمنتوج وجلسات للبيع بالتوقيع، ويشترط على الناشر أن يكون محترفا وخبيرا، وألا يكون وسيطا أو سمسارا يقف حجرة عثرة بين المؤلف ودار النشر، ونحن نرى أن هذه الظاهرة تفاقمت كثيرا في الآونة الأخيرة.
 وفي الختام أدعو الناشرين بالجزائر أن يتحلوا بالصدق والشفافية واحترام مكانة المؤلفين والمبدعين، ومن المهم جدا مواكبة الأساليب والمناهج العلميّة الحديثة المعتمدة في دور النشر الأجنبية، لكن لحسن الحظ أن هناك نظرة إيجابية لبعض الدور وما يحدث بها من إصلاحات وتطورات تسير في الاتجاه الصحيح، وهذا ما لمسته شخصيا من خلال متابعتي لدار «خيال» للنشر والترجمة التي يقف ورائها منتصبا شامخا الكاتب القدير الشاب رفيق طيبي، وكذلك أنحني لدار «الوطن» التي يشرف عليها الشاعر كمال قرور، والتي تسعى جاهدة للابتكار والتميز في ميدان صناعة الكتاب، بما يخدم  المؤلف والناشر وبصفة عامة الإبداع المحلي والقارئ، الذي يشكّل حلقة مهمة وأساسية في المعادلة.

الكاتب علي شريف روان في سطور


 روان علي شريف، كاتب من مدينة وهران، ولج عالم الإبداع الأدبي بخطوات واثقة في بداية التسعينات، ومنذ ذلك التاريخ تتابعت طبعاته وتنوعت باللغتين العربية والفرنسية، وبين الفينة والأخرى، يتطرق في مقالاته الصحافية إلى بعض القضايا الهامة التي تطرح على الساحة الثقافية، وإليه أيضا يرجع الفضل في إحداث عديد البرامج والنشاطات الثقافية بكل المقاييس المعتمدة من إبداع وجهد وخدمة للأدب، وقد تقف شاهدة عليه  النوادي الأدبية التي ساهم بتأسيسها وأعطاها وزنا، كغاية ووسيلة ضرورية للتنقيب على المواهب الشابة والدفع بها إلى البروز والتميز، إضافة إلى نيله العديد من  الجوائز الرفيعة والألقاب الشرفية في مجالات الشعر والرواية والقصة.

mercredi 23 octobre 2019

فردوس مليندا المفقود




وهران ساحة الكاهنة هذا الصباح لم تكن كما كانت عليه منذ التقينا ذات زوال من يوم الرابع عشر شباط .مقهى تسالة الذي اعتدنا نشرب فيه الشاي الظهيرة لم يعد هناك ، المكان يعج بالسكارى احتلوا المكان جاؤوا من خارج المدينة يبيتون في العراء قرب قنينات الكحول التي تتوسد الجدار الخلفي للمكتبة، هم هنا لست أدري منذ متى يتلفظون بشتى أنواع الكلام البذيء.ثم بضعة أطفال لعلهم من سكان شارع الأمير الصاخب يلعبون مبارة كرة قدم بلا نهاية أمام كاتدرائية القلب المقدس وهناك كان في زاوية شارع علي بومنجل كشك عمي الشامي بائع الجرائد الذي ترك المكان مرغما منذ أن قررت البلدية ترحيله قبل حلول الألعاب المتوسطية في رأيها انه يشوه المكان.

يا للصدفة اليوم مررت من هناك تغيرت أشياء كثيرة لكن ذكراك لا زالت منقوشة هنا تذكرت لقائنا الأول.كنت هناك في انتظاري بمعطفك الأسود وشالك الأحمر في نهار أحمر كهذا بالصدفة.وقتها لم أكن اعرف القديس فلانتين لولاك.
وقفت اليوم برهة أتفحص وجهك الذي لا يراه سويا في هذا اليوم الحزين الذي أحزنتني فيه ذكراك.

قطعنا شارع حمو بوتليليس المقابل وعيني في عينيك. كنت مبتسمة وكنت سعيدا وهمست لنفسي" أيها الرجل الحزين ها أنت تقف أمام مليندا وجه لوجه ،امرأة أحلامك تلك التي كنت تبحث عنها منذ عقود.."
في ذلك المطعم الهادئ مطعم "الوداد" طلبنا الكثير لكننا لم نأكل إلا القليل .لم تكوني تعرفين ذلك المكان الرائع ما كنت أعرفه أنا عنه يكفي أنه كان يأوي اجتماعات الحركة الوطنية قبل الثورة وما زال صاحبه بعد أكثر من نصف قرن يتغنى بقدسية المكان ويعتبره جزءا من الثورة.
يومها كانت الريح عاصفة وكنت بجانبي وعند بلوغنا خنق النطاح كادت الريح أن تخطفك مني لولا أنني مسكتك من خصرك مضطرا  فاحمر وجهك وشعرت بالخجل وأكملنا في صمت طريقنا إلى متحف المدينة الذي كنت أحبه كثيرا وأحن إليه وكنت مصرا أن تبدأ قصة حبنا الخجولة من هناك.
داخل متحف" زابانا" تجولنا في أرجائه وطرنا كروحين سابحتان ،عشنا اللحظة في زمن لم يكن زماننا. سكن الخيال المخيلة ورسمنا أولى الخطوات في اتجاه مستقبل كنا نأمل إن ننهيه معا لم نكن نعلم أنه سينتهي بهذا الانتحار،انتحار الأماني التي جمعتنا والتي تنتصب اليوم أمامي كجنية واقع يعذبني منذ أن انتهينا قبل أن ننهي الطريق. مليندا ما لصمتك بحجم

هدا الوجع يبني جدار فصل يعذبني برهبة السؤال الأبدي عن حب ضيعنا بعد أن ضيعناه وعصر ذهبي وفردوس فقدناه...

مليندا كان القرار فاصلا هذا ما أدركته لكن حاولت إقناعك عند رصيف المغادرين بإمكانية الصداقة أن تكون جدار خلاص نحتمي خلفه أثناء هبوب العواصف.

حاولت إقناع نفسي أن تكون تلك السعادة مختصرة في صورة امرأة عابرة للزمن،زمن حياتي تجلس أمامي يفصل بيني وبينها مسافة قبلة. فمها مرسوم كخاتم ماس ،عيناها تشعان من الفرح فتنسيني الدنيا ومن هم حولي .أمسكها من معصمها ونسافر سويا بعيدا بأفكارنا ، بأجسادنا نحو الغمام حالمين بالفردوس.

مليندا ..السعادة ليست أن نمتلك من نحب ونحتجزه كعصفور في قفص من ذهب ضد إرادته ونصادر حريته التي لطالما من أجلها نقاتل لكي نتخلص من جنون الرغبة والأنانية التي تشوه الأشياء الجميلة التي تسكن فينا.

السعادة تتجسد أمامنا في الواقع كقوس قزح في يوم ماطر حينما يشتد الألم و تخنقنا العزلة ونتذكر من نحب ونحن بعيدين عنهم، تظهر لنا أطيافهم ونتذكر حسناتهم قبل سيئاتهم .

ها أنا الليلة استيقظ من سباتي العميق،من غفوتي بعد صيف حار وبضع خيبات.

أخرج من عزلتي أتكئ على جدار الشرفة أشعل سيجارة أخرى بولاعتك التي أهديتيها لي منذ عام ونصف احتفظت بها ليوم كهذا مع أشيائي الثمينة لأحرق بها ما تبقى من حنين..

أفتح كتابك الأزرق أقرأ مقطعا من روايتك الأخيرة أقف على نفسي هناك ضائعا بين السطور وتنهيدتين.نظرت إلى السماء الرمادية رأيتك نجمة بعيدة في المجرة ساطعة من غير الأنجم تلبسني جن الكتابة ، تنهدت بعمق ونفثت دخان سيجارتي الوفية التي تقاسمني هواجسي،أخرجت قلمي وانصعت لكتابة ما يمليه علي جنوني وأنا أدندن بلغة موليار التي كنت تحبينها عدت  إليها إكراما لك وللحظات التي قضيناها تائهين بين مرارة الحقيقة وحلاوة الخيال.

في لحظة انبعاث غنيت بلا شعور موال المهزومين "الأيام تمضي وهذا لا يهم...

لدي صعوبات للعيش...

ثمل بهذا العطر المختلف عن عطرك..الأسوء قد حسبت كل دقيقة التي كنت رهينة لديك... ما يقارب من سنتين منذ أن انقذتيني منك.غالبا ما أتساءل أين سأكون بدونك؟

غالبا ما أتساءل أين أنت؟

من تحبين؟

أخرجي من أفكاري..قد غيرت عنواني ، رقم هاتفي،قد رميت رسائلك وعيوبك حتى وان تظاهرت باني وجدت القوة، أحتفظ في أعمق أعماقي كل ما تركتيه لي.أحاول نسيانك مع أخرى. الوقت لا يبدو عليه انه قام بمحو أخطائك. أحاول  لكن لا يبدو انه هناك شيء تغير.

لا اقدر...

لا أريد...

لم أتمكن...

لا أحبها مثلما أحببتك.أحاول أن أعالج نفسي مع أخرى...

مليندا رغما عنا نحب وعندما نحب بصدق غالبا ما نفقد عقولنا ويتساوى في رؤانا الخادم بالملك ولا نعطي أهمية للعواقب..

مليندا احترقت من أجلك وأحرقت كل مراكبي ومستعد لإعادة المحاولة حتى وان احرق المدينة برمتها ولن أستفسر أحدا فليسقط المطر أو الثلج لا يهمني سوى أنت،

أنت حقيقتي الوحيدة في هاته الحياة آذا لا تسأليني لماذا؟

ما لم تقوليه انك كنت تحرضيني على حرق المدينة وقبل حرقها لا بد لي أن أطفئ كل الأضواء وتعتلين المنبر لتقولي لا نكتب بملء إرادتنا قد تكفيك كلمة واحدة لكي تكتب..كلمة واحدة قد تفتح فيك أكثر من جرح ، قد تنزف و تنتظر حتى تتحقق أمنيتك إلى آخر رمق وهذا ما يسمى بالأمل عندي.

 الأمل هو ذاك الصباح المتجدد،ذاك الكتاب الذي أتصفحه كل ليلة أبحث فيه عنك وعني، في بعض فقراته تتوقف عقارب الساعة وتحيلني إلى أول لقاء،كانت الريح تعصف وكان الشارع الطويل يعج بالغرباء من أمثالنا وكان بالصدفة عيد المحبين.

كادت الريح أن تخطفك مني مرة أخرى في لحظات غيرتها أمسكتك من خصرك ومشينا....

بعد سنتين لا زال الشوق يذبحني
ولا زالت صفارات الانتظار توقضني من سباتي
ولا زال طيفك يطاردني في محطات القطارات المغادرة
بعد سنتين لا زال الجرح غائرا
ولا زالت ذكراك توقظني في منتصف الليالي لأكتب شيء عن سيرة امرأة مستبدة أحتفظ به لنفسي وأعود إليه كلما تحل ذكراها.
بعد سنتين لا شيء تغير .لا زال قطار منتصف النهار يقلع في وقته ولا زالت الساعة الحائطية تحافظ على نظامها الدقيق ولا زالت هناك روحي على الرصيف تودع المغادرين كل خميس

وارى وجهك في وجه كل امرأة تجر حقائبها في عجل...



السعادة تتجسد أمامنا في الواقع كقوس قزح في يوم ماطر حينما يشتد الألم بنا و تخنقنا العزلة ونتذكر من نحب ونحن بعيدين عنهم، تظهر لنا أطيافهم ونتذكر حسناتهم قبل سيئاتهم ، هي أيضا عندما ننام مطمئنين ونصحوا صباحا فنبتسم حينما نجد رسالة نصية في جوالنا تستفسرنا إن نمنا جيدا.



السعادة هي عندما يدرك المرء أن كل ما كان يتمناه تحقق.السعادة بعد نظر وأشياء لا توصف لكن لا نغتر وننسى أنفسنا وبجرفنا نهرها الهادر فان التعاسة أيضا شيء لا يوصف يمكن أن تأتينا على هيئة امرأة ملهمة ، مهملة نفسها ،غبية لا تفقه شيء، غارقة في حب ذاتها في نرجسية مفرطة تدفعنا لكي ننطوي على أنفسنا وفي أحسن الظروف نشعل سيجارتنا الثانية من الأولى ونتخذ منها خليلة ونسرف في تقبيلها ،نسقط في أحضانها ونفقد الشعور بلذة الحياة، يتعالى دخانها في السماء يحجب الرؤية عن الصواب ويجف نهر الحب الكبير، نغير مسارنا نحو الهاوية ونفقد هويتنا في الإدمان ...

أذكر جيدا أنه بعد ولادة مليندا بثلاث سنوات بدا البيت حزينا جدا وأنا جد عاجز على إدراك هذا الارتياب الذي حل بنا،أمي أصيبت بانهيار عصبي وفقدت الأمل من عودة أبي مرة أخرى.لم تعد تهتم بوجودي ولا بهندامها. مع مرور الوقت أصدقاء العائلة والأقارب هم الآخرون لم يعودوا كما كانوا سلوكياتهم تغيرت.بدا الصالون فارغا من محتوياته وكساه الغبار.البيانو القديم ظل صامتا في زاوية من الغرفة وصرت أمضي كثير من وقتي في البيت ولا أخرج إلا للضرورة القصوى...

كم كنت أشتهي حلوة التفاح المر الذي كان يغلف وقتها بطبقة سميكة من السكر كانت فكرة ذكية من تجار الشارع الجائلين لبيع منتوجهم الكاسد بسرعة عند أبواب المدارس.

وقتها ايضا كانت البلد تغمرها شبه حرب والأجواء العامة كانت ثقيلة.هناك وضع غير متوازن لم أدركه جيدا وأنا أخرج صباحا رفقة أمي فوق كرسيي المتحرك إلى مدرستي مارا بالحي المجاور لحي الدرب كانت النار تأكل شقة غادرها سكانها منذ مدة.كان الاضطراب يخيم على صباحات وهران الكئيبة وكانت الوجوه تنفر منا. الأطفال،النساء يلقون التحية على أمي من بعيد يتمتمن بعبارات لا نفهمها وينصرفون..وحدنا في المساء نعود عابرين نفس الطريق إلى البيت حيث ندخله في صمت.

الكل ينتمي كانتمائي لهذه الأرض ،كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة تربطنا بها لكن الشيء الملفت للانتباه بدأت وهران تضيق بسكانها. هناك بعض القرى فقدت توازنها وهوت أغلبية المداشر المحيطة بها ورحل أهلها قصرا بحثا عن الأمان داخل المدينة.فلماذا هذا الرفض وهذه الفوضى...كثير من الأمنيات مرت من هنا..كثير من الأحلام صدرت من ربيع عمرنا المسروق والغريب في الأمر لم نعد نعرف من يقتل من...؟

لكن الأمر المتفق عليه أنهم لم يعثروا على جثته ولا عن سلاحه الذي كان دائما يحمله معه.عثروا على سيارته عند المخرج الغربي للمدينة بمحاذاة البحر قرب المسمكة أبوابها الأمامية مفتوحة وزجاجها الأمامي مكسر، لا وجود لجثته ولا لبقع الدم كما جرت العادة في الاغتيالات.يبدو أنه كمين محكم كان مخطط له من قبل .أرادوه حيا للاستنطاق.يبدو أنه كان بالنسبة لهم غنيمة كبيرة من خلال مركزه الذي يشغله كعسكري.هناك من قال أنهم رموه في البحر بعدما أجهزوا عليه خنقا جردوه من سلاحه ومنهم من ينفي هذه الفرضية ويعتقد أنها عملية اختطاف.
الاختطاف هي عملة أصبحت متداولة وأسلوب جديد من الجرائم التي حيرت الرأي العام وروعت الناس في هذا الظرف، لا هوية لمنفذيها، لا رحمة ولا شفقة.يأتون في سيارات مموهة، في الظلام في ساعات متأخرة من الليل أو في أولى ساعات الصباح ينفذون مهامهم بعنف مفرط ، أحيانا يتعدون صلاحياتهم ويا ويل من يعترض عليهم وعلى أعمالهم القذرة. ..



                                                              يتبع...


                                                     بقلم الكاتب روان علي شريف.

mercredi 19 juin 2019

حواري مع جريدة الديوان 15 جوان 2019

يومية الديوان تحاور الكاتب روان علي شريف
من وهران الكاتب الصحفي جمال بوزيان .
ر لـ"الديوان"
لا تزال ذكريات الـحصاد وصور البيادر وسهرات الفلاحين على ضوء القم

تقرأون حوار الكاتب الصحفي جمال بوزيان مع الكاتب علي شريف روان؛ عبر صحيفة «الديوان»؛ العدد رقم 766؛ الصادر يوم الأربعاء 9 شوال 1440 هـ الموافق 12 جوان 2019 م؛ الصفحة رقم 15.
الكاتب علي شريف روان في حوا
ر ماثلة أمامي
عملت بكل تفان وإخلاص بالديوان الوطني للأرصاد الـجوية متنقلا بين مصالحه الـمختلفة من مصلحة التنبؤات إلى مصلحة المناخ إلى مصلحة الإشارة والاتصالات
أسعى إلى تسجيل اسمي في قائمة رواد الـمشهد الثقافي الـمحلي وأواظب على حضور أغلب النشاطات طول السنة
حوار/الكاتب الصحفي جـمال بوزيان
أَستضيفُ أحد فوارس الكتابة القصصيَّة والرِّوائيَّة في العالَم العربيِّ؛ في كتاباته هدوء وإنْ كتب عنِ العاصفة؛ في كتاباته هُدًى يُقاوم كُلَّ تيهٍ... وقدْ سار بمراكبه في دائرة العتمة؛ وأنار طرقًا مُظلمة بقناديل لا تَنطفئ مِن وحي الـمُثقَّفين... وجعل للـمَوتَى بريدًا يليق بهم بعْد ما قاوموا استبداد "التَّقاليد" زمن جهل قاتل لا يَزال يَعصف بـ"أبرياء الـحُبِّ"... كتاباته تُؤرِّخ لفترة امتزجتْ فيها الدِّماء والدُّموع والـمداد. الكاتب مِن جيل لا يَزال يَذكر السَّنابل والبيادر؛ ويَذكر رائحة الـحصاد الـحلو حين كانتِ الـمَناجل هي الـمَناهل الَّتي يَطعم منها أحرار هذا الوطن الـمُفدَّى. تَنشُر اليومَ "الدِّيوان" حواري الصِّحفيِّ مع الكاتب عليٍّ شريف روان.
مَرحبًا بكَ. الله يبارك فيك أستاذ بوزيان، ودمت ذخرا للثقافة والأدب. عيدك مبارك كريم، ولكل الأمة الإسلامية، ويُعاد إن شاء الله علينا ونحن ملتزمون بطاعته وخشيته.
ماذا تَذكُر مِن طفولتكَ؟
إيه يا سيدي ما بوسعي قوله لك سوى أنك أرجعتني لأكثر من خمسين سنة إلى الوراء، وقتذاك كنا أطفالا نستمتع بأحاجي الجدات قبل النوم، حيث كانت الحياة بسيطة وجميلة جدا، وكانت أغلب العائلات تسكن الريف، وتعيش على ما تنتج... لا تزال ذكريات الحصاد ماثلة أمامي، صور البيادر وسهرات الفلاحين على ضوء القمر وأحاديثهم الشجية عن مواسم الحصاد والأعراس... لا أزال أحسدهم على تكافلهم، وكان اللبن والحليب بلا مقابل، ولا أزال أذكر مدرسينا الـمشارقة في الابتدائي ولعبة الغميضة واصطياد العصافير في غابات الزيتون المجاورة لبيتنا، ولا أزال أذكر مرافقة جدي إلى السوق الأسبوعي على متن عربته البسيطة التي يجرها حصانه الأسود... كم أشتاق إلى ذاك الزمن وإلى الجلوس مع أصدقائه في ذلك المقهى البسيط بكراسيه الخشبية المتهالكة لأشرب كأس "سقلب" شاي حار.
مَن هو عليٌّ شريف روان حاليًا؟
عليّ شريف روان هو رجل بسيط من هذا السواد الأعظم من المنهكين، أحيل على التقاعد بعد أن قدم للوظيفة أجمل أيام شبابه. عمل بكل تفان وإخلاص طيلة تلك الفترة بالديوان الوطني للأرصاد الجوية متنقلا بين مصالحها المختلفة من مصلحة التنبؤات إلى مصلحة المناخ إلى مصلحة الإشارة والاتصالات، وحاليا يحاول مسايرة أوضاع ما بعد الوظيفة ليتأقلم مع الوضع الجديد فهو يملأ فراغه بالكتابة بحثا عن مكان مشرف له، ويحاول بقدر المستطاع تسجيل اسمه في قائمة رواد المشهد الثقافي المحلي، وهذا ما يجعله يواظب على حضور أغلب النشاطات الثقافية على مدار السنة.
مَن الشَّخصيات الـجزائريَّة والعربيَّة والعالَميَّة الـمُؤثِّرة في مَسيرتكَ الإبداعيَّة؟
الشخصيات الجزائرية المؤثرة في مسيرتي الإبداعية هي كثيرة، لكني أذكر أهمها مثلا مولود معمري، عبد الحميد بن هدوقة، عمار بلحسن، محمد ديب، الجيلالي خلاص وجميلة زنير، أدعو للبعض بالرحمة وللبعض الآخر بالصحة وطول العمر. أما فيما يخص الكتاب العرب فإني أعشق كتابات نجيب محفوظ، يوسف إدريس، غسان كنفاني، جبران خليل، مي زيادة ومحمد شكري صاحب رائعة "الخبز الحافي". بينما الشخصيات العالمية فأفضلهم عندي ليون تولستوي، أليكسي مكسيموفيتش بيشكوف المعروف باسم مكسيم غوركي، إرنست همنجواي وفيكتور هيقو.
ما قصَّتكَ مع الكتابة؟ وهلْ تَذكُر أوَّل ما كتبتَ؟
قصتي مع الكتابة بدأت وأنأ في المتوسط وبالضبط أثناء حرب أكتوبر بين العرب والإسرائيليين، وقتذاك تأثرت بالأحداث من خلال استماعي كثيرا للأخبار التي كانت تذاع على "الراديو" مع الأناشيد الحماسية على مدى تلك الأيام خلال الحرب وبعدها. حينذاك كتبت نصا كان يبدو لي قصيدة شعرية تتكون من ثمانية أبيات أحث فيها العرب إلى القتال بجانب أهلنا في فلسطين وكانت تحت عنوان "هيا معي هيا". وقد أخبرت بها أصدقائي المقربين في الفصل، لكن لم يهتموا للأمر بتاتا فنسيت الأمر وأضربت عن الكتابة لكن واظبت على قراءة الكتب المتواجدة بمكتبة المتوسطة آنذاك...كنت أجد متعة خاصة في إعارة الكتب وقراءة كل ما أجده أمامي حتى الصحف الذي يلف فيها "السردين". كما سبق وقلت من يومها لم أكتب شيئا إلا بعد سنتين حيث مع حلول عطلة الربيع كلفنا أستاذ اللغة العربية وكان أردني الجنسية استقدم كمتعاون لتدريس اللغة العربية ومثله الكثيرون من دول شقيقة، لكي لا ننشغل في اللهو كلف كل واحد منا أن يكتب له قصة أو قصيدة وترك لنا حرية اختيار الموضوع، مع العودة إلى المدرسة قدمنا له أعمالنا فانكب على قراءتها وبعد ما يقارب النصف ساعة قدم لنا ملاحظات عامة عن أعمالنا واختار أحسنها وناداني لأقرأ مقاطع من قصتي المعنونة "جريمة تحت الشمس" مع كل أسف ضاعت مني إلى الأبد، لكني لا أزال أحتفظ بفكرتها الرئيسية، حينما وقفت على المسطبة نظر إلى مبتسما وقال لي:جميل جدا يا علي، إن كان هذا من صنع يدك...غمرتني فرحة لا توصف وأحسست أن كتاباتي صارت ذات قيمة وكان ذلك التشجيع مهما لي، لم أفكر أبدا أنني سأصبح كاتبا في المستقبل ولم أدرك ذلك إلا بعد سنوات طويلة عند ما صرت أنشر كتاباتي في الصحف.
لِماذا اخترتَ القصّة والرّواية؟ ومَن شجّعكَ؟
في البداية بدأت بكتابة بعض الأشعار الحرة لكنها لم تكن في المستوى الذي كنت أتمناه ولم أسميها أشعارا، الشاعر هو الذي يجيد كتابة الشعر بكل أنواعه ويكون يحسن الوزن. لديَّ أيضا تجربة في كتابة الشعر الملحون، كتبت أيضا الشعر باللغة الفرنسية ولديَّ قصائد جميلة منها من غناها المطرب حسين بن عبد الله أخيرا من بينها "رصيف أشجاني،"شمس منتصف الليل" و "في قلب الدوامة"... اخترت القصة القصيرة والرواية لأنني أجد نفسي فيهما، أجد متسعا وكامل الحرية عند ما أكتب ولديَّ النفس الطويل والخيال الواسع اللذان يعتبران سر نجاح الرواية.
هلْ شاركتَ في ملتقيات أدبيّة؟
فيما يخص الملتقيات الأدبية شاركت عام 2003 م في القافلة الثقافية التي انطلقت من العاصمة وجابت الجنوب تحت رعاية بلدية العاصمة بالتنسيق مع جمعية إبداع للكاتب الطاهر يحياوي، كما شاركت في ملتقى الجلفة وتلمسان وأيضا شاركت في الأسابيع الثقافية في كل من ولاية غليزان عام 2007 م، سوق أهراس عام 2014 م، وباتنة عام 2015 م، وأيضا شاركت في ملتقى زرالدة الأدبي عام 2015 م وأيضا بالقاهرة عام 2016 م.
هلْ شاركتَ في مُسابَقات أدبيّة؟
لديَّ مشاركات وإسهامات متعددة في ملتقيات أدبية محلية ووطنية ودولية، ونلت عدة جوائز تشجيعية منها الجائزة الثانية في الشعر الحرّ الذي نظمته مديرية الشباب والرياضة عام 1998 م بوهران، كما حزت على الجائزة الأولى في ملتقى المدينة للإبداع الأدبي عام 2005 م الذي نظمته (جمعية آفاق) بالتنسيق مع المجلس البلدي لمدينة وهران عن قصتي (حالة إجهاض)، كما نلت الجائزة الأولى مرة أخرى عام 2011 م في ملتقى "شموع لا تنطفئ الوطني" الذي نظمته مديرية الثقافة لولاية وهران. وفي أكتوبر 2015 م تحصّلت على الجائزة الأولى في القصة القصيرة التي نظمتها المجلة الإلكترونية (روسيكادا) بالعاصمة... كما حزت عام 2016 م على الجائزة الثانية بمصر وهي جائزة دولية تمنح كل سنة تنظمها مؤسسة همسة للفنون والآداب.
هلِ انضممتَ لـجمعيّات ثقافيّة؟
الجمعية الوحيدة التي انضممت لها وأشغل منصب نائب رئيسها مند سنة ونصف هي "جمعية وحي الـمثقفين" التي تهتم بالأدب والثقافة والتكافل الاجتماعي، وهي مُشكَّلة من عدة نوادٍ، أذكر على سبيل المثال النادي الأدبي الذي أترأسه شخصيا، وهناك نادي الصحافة والتصوير الفوتوغرافي، نادي الـمَعارِض والأشغال اليدوية، نادي المسرح ونادي الرسم. كما أسست مع صديقي الأديب محمود بوزيد "نادي عمار بلحسن الأدبي" بدار الشباب حي الياسمين الذي أترأسه منذ ما يقارب السنة، ونطمح لتنظيم ملتقى أدبي عن قريب في مستوى الكاتب بلحسن يحضره نخبة من كتاب الوطن.
يتبع.....
تقرأون حوار الكاتب الصحفي جمال بوزيان مع الكاتب علي شريف روان؛ عبر صحيفة «الديوان»؛ العدد رقم 767؛ الصادر يوم الخمبس 10 شوال 1440 هـ الموافق 13 جوان 2019 م؛ الصفحة رقم 15.
الكاتب علي شريف روان في حوار لـ"الديوان"
روايتي"بريد الـمَوتَى" فيها آهات عاشقيْن قاوما استبداد "التقاليد"
تناولت مجموعتي القصصية "هدى والعاصفة" ظواهر اجتماعية كالـهجرة السرية وانتشار العشوائيات السكنية والبطالة والـمحاباة أثناء التشغيل وغيرها.
الكتابة للطفل مسؤولية كبيرة فالطفل ورقة بيضاء يصدق كل ما يكتب له ولا بد أن نكون صادقين فيما نكتب له ومقتنعين به
حوار/الكاتب الصحفي جـمال بوزيان
أَستضيفُ أحد فوارس الكتابة القصصيَّة والرِّوائيَّة في العالَم العربيِّ؛ في كتاباته هدوء وإنْ كتب عنِ العاصفة؛ في كتاباته هُدًى يُقاوم كُلَّ تيهٍ... وقدْ سار بمراكبه في دائرة العتمة؛ وأنار طرقًا مُظلمة بقناديل لا تَنطفئ مِن وحي الـمُثقَّفين... وجعل للـمَوتَى بريدًا يليق بهم بعْد ما قاوموا استبداد "التَّقاليد" زمن جهل قاتل لا يَزال يَعصف بـ"أبرياء الـحُبِّ"... كتاباته تُؤرِّخ لفترة امتزجتْ فيها الدِّماء والدُّموع والـمداد. الكاتب مِن جيل لا يَزال يَذكر السَّنابل والبيادر؛ ويَذكر رائحة الـحصاد الـحلو حين كانتِ الـمَناجل هي الـمَناهل الَّتي يَطعم منها أحرار هذا الوطن الـمُفدَّى. تَنشُر اليومَ "الدِّيوان" حواري الصِّحفيِّ مع الكاتب عليٍّ شريف روان.
ماذا تَتناول مـجموعتكَ القصصيّة "هدى والعاصفة"؟
مجموعتي القصصية "هدى والعاصفة" وهي مجموعة قصصية تتكون من 11 قصة قصيرة مستوحاة من الحياة اليومية لأشخاص عاديين من المجتمع يمثلون كل شرائحه، طلبة، موظفين، فلاحين، بطالين، نساء ورجال... يمتد الحيز الزمني التي تعالجه المجموعة ما بين أكتوبر عام 1988 م وبداية عام 2004 م. بالدرجة الأولى هي قصص اجتماعية بامتياز تتناول تحول المجتمع الجزائري في ظل سياسة الانفتاح التي هبت على المجتمعات العربية في بدايات التسعينيات من القرن الماضي إلى بداية الألفية الثالثة... تتناول المجموعة القصصية في بعض جوانبها في وقت مبكر الهجرة السرية من الجنوب إلى الشمال التي كانت تقتصر على الجهة الغربية ومنها إلى أوروبا عبر سبتة ومليلية بإقليم الناظور وهما محميتان اسبانيتان داخل التراب المغربي أي تناولت ظاهرة "الـحرقة" في هذا الاتجاه قبل أن تستفحل الظاهرة وتصبح قوارب الموت بديلا... كما عالجت المجموعة أيضا ظاهرة البطالة التي مست شريحة واسعة من المجتمع بكل فئاته وما رافقت عملية التشغيل من محسوبية ومحاباة قضت على أمل الشباب. كما أن البعض من القصص لم تغفل الجوانب السلبية التي تمخض عنها تحول المجتمع والتي لم ينتبه إليها أصحاب القرار لمعالجتها حينذاك كانتشار الأحياء العشوائية على حواف المدن الكبرى وما ترتب عنها من آفات اجتماعية تهدد الأمن والسلم الاجتماعي. وخلاصة القول، إن مجموعتي القصصية "هدى والعاصفة" هي دراسة أنثروبولوجية وتشريح للمجتمع الجزائري والتأريخ له كما تبرز المحطات التي مر بها من المقاومة بشقيها القديم والحديث في وجه كل من أراد استعباد هذا الشعب الحر والمتمرد على كل مظاهر الظلم على مدى التاريخ، وكان أيضا للحب وللعلاقات الإنسانية والتعايش السلمي نصيب في قصصي.
وماذا تَتناول مـجموعتكَ القصصيّة الثّانية "دائرة العتمة"؟
"دائرة العتمة" هي أيضا لا تختلف عن المجموعة السابقة فهي مستنبطة من آمال وأحلام المجتمع الفرق الوحيد أنها لا تزال على شكل مخطوط، ولم تُطبع، ربما سترى النور عن قريب.
هلْ كتبتَ قصصًا للأطفال؟
فيما يخص الكتابة للطفل صراحة أجد نفسي عاجزا، لم أجرب أبدا لأنني أعي أن الكتابة للطفل مسؤولية كبيرة فالطفل ورقة بيضاء يصدق كل ما يكتب له لا بد أن نكون صادقين فيما نكتب له ومقتنعين به ولا داعٍ أن نتصنع الكتابة لهؤلاء الأطفال لأنهم رجال الغد إما أن تكون كاتبا مرشدا ومربيا وإلا لا تكون.
ما ظروف كتابة روايتكَ الأُولى "بريد الـمَوتَى"؟ وماذا تَتناول فيها؟
ظروف كتابة روايتي الأولى "بريد الـمَوتَى"، هي رواية تمزج بين الدراما والتاريخ والحب والعلاقات الإنسانية، هي قصة رجل في منتصف العمر يلتقي بالصدفة بفتاة على وشك التخرج من الجامعة بمكتبة المدينة فتنشأ بينهما صداقة توطدت مع مرور الأيام يحكي لها عن حياته الشخصية، عن والدته التي كانت تشبهها في الملامح وفي السن وعن تضحيتها من أجله، لم تعد الزواج وظلت ترعاه بعد فقدان والده العسكري الذي اغتالته يد الغدر في بداية "العشرية السوداء". وهي الفترة التي ازدادت فيها تلك الفتاة ولا تعرف عنها شيئا بينما كان هو في العاشرة فكان يحدثها عنها وكانت هي تستمع إليه بنهم كلما التقيا وكانت هي بدورها تحكي له عن حياتها الخاصة عن السنوات التي تقضيها بالإقامة الجامعية بعيدا عن أهلها وعن والدها المغترب المهمل لهم منذ ولادتها ولم تره إلا مرة واحدة في السنة لبضعة أيام وتحكي له عن حرمانها من حنانه ودفء صدره فتجد في بطل الرواية حلقتها المفقودة "حنان الأب" ويجد هو الآخر فيها حلقته المفقودة "حنان الأم" التي توفيت وهو في العشرين... باختصار نشأت بينهما علاقة محبة قوية وطلبها للزواج لكن في النهاية الظروف الاجتماعية وبعض العادات والتقاليد حالت بينهما ولم يكملا حياتهما كما كانا يتمنيا فبرغم ذلك الحب الكبير وذلك التقارب فكانت تلك العلاقة بشكل درامي غير متوقع... وكانت آهات البطلين بريد موتى موجه إلى الأحياء الذين وقفوا أمام إرادة المحبين تحت مسمى الأعراف والتقاليد.
اتـحفِ القرّاء بِقصّة مِن قصصكَ القصيرة
أُهدي للقراء القصة التي شرفتني بالتتويج وحصولي على الجائزة الأولى أمام قصاصين محترمين يتربعون الآن على المشهد الثقافي الوطني، أذكر من بينهم القاص والروائي عبد القادر ضيف الله والقاص القدير سعدي الصباح، أذكر أن المستوى كان متقاربا جدا وكان التنافس على أشده آنذاك.
حالة إجهاض
دخل المقهى واتخذ من ركن معتم مجلسا له،طلب قهوة من دون سكر وأخرج من جيبه أوراقا أصفر لونها أشرفت على التمزق، للتو تستيقظ في ذاكرته صور نائمة لخيول جموحة لم تعرف الأسر. جاء الموت من هناك كعادته يلقي نظرة أخيرة على إنجازه المعطل، وقف فوق رأسها ينتظر اللحظة المواتية ليضغط بأصابعه الباردة والرهيبة على أنابيب ظلت تربطها بالحياة. قال الجبلي محدثا نفسه هل حقا سيأخذها؟ لن ينتظر المستتر من الحوار بل استجاب لنداء الأشباح والأماكن المسكونة بالهوس والخراب. جاءت فطوم كقبس تنير دهاليز روحه المظلمة، بخطى متعثرة طرقت أبواب الرغبة والدهشة،ألقت باللوم على حظها التعيس وبكونها امرأة في مجتمع لا يغفر للنساء. بحزن وتوجس قالت وهي تهذي.ها أنا فطوم أيها الجبلي، أجيء إليك من حيث لا تدرين، جئتك اليوم من أعماق أرضنا الطيبة المضرجة بالدماء، مرة أخرى أقف على شواطئ الأراجيف وأفتح لك شبابيك ذكرياتي الأليمة على مصراعيها، هو ذا عمي ((بوشلاغم)) ينتصب أمامي بين حقول القمح شامخا كجبال (( توا قس)) لجاثمة أمامنا،رأسه في موقع الشمس كشلال وشم ذاته في الكائنات،عيناه لا تنامان، واحدة على المتوسط مستكشفة آفاقنا البعيدة وأخرى تعانق بيوت الطين المتناثرة هنا وهناك بين الأخاديد والتلال وفي تناسق وتناغم مع جغرافية المكان تتشكل لوحة فنان ويتشكل معها تاريخ أمة وملحمة أجيال. كان بيتنا كما تذكر أيها الجبلي في أسفل المنحدر، في مكان منعزل وعلى بعد أميال منه تمتد غابة ((مولاي إسماعيل)) نحو الشرق في خط متوازٍ مع حقول الرمان والزيتون إلى أن تطل على مستنقعات المقطع البقعة الوحيدة التي تبرئنا من خيانة التراب، ما أعرفه كان البحر خلف تلك الربوة، على مرمى حجر لكننا نحن الحريم لم نكن نعرفه، ما كنت متيقنة منه أن أبي مثله مثل عمي((بوشلاغم)) كان مخلصا لأمي ولقطعة الأرض التي بنينا عليها بيتنا،كم من مرة كانت تلك الأرض أثناء توريدها تأخذه في أحضانها بشبقية لأوقات متأخرة من الليل وكان ذلك يقلق أمي المسكينة، غالبا ما يثير حفيظتها ، تستسلم للغيرة وتشعر بالإهمال. ألا تذكر أيها الجبلي، يومها كنا نحن الأطفال قبل أن يستوطن الرعب الغابة على مدار الأيام، خاصة في موسم الأمطار ننطلق إلى هناك بحثا عن الحطب والفطائر وكنا نصطاد صغار العصافير في أوكارها.كنا نتسلق أشجار الزبوج الهرمة إلى أن نصل القمة فتتراءى لنا مداخن شاهقة كتنانين واقفة تقذف من أفواهها ألسنة من اللهب وقتها سؤال وحيد كان يراودني ماذا كانت نية من شيدها؟. أحرار... جـمهورية... اليوم. على رنات بائع الصحف الذي اقتحم المقهى عاد الجبلي من بعيد من أمكنته المسكونة بالخراب، تلاشت فطوم من أمامه وبقى سؤالها معلقا إلى الأبد. وكأن الغلام أيقظ في نفسه شهية الكلام راح يهتف لنفسه. واليوم؟ اليوم فطوم ما عاد يربطها بالأرض شيء فهي وجه من أوجه المدينة.في لحظة انكسار أزاحت تاريخ عمر محافظ، اتخذت من سارة هوية لها وراحت تؤرخ لعهد جديد مليء بالتناقضات.عجيب أمر فطوم كيف تعتبر حياتها الخاصة لا شأن لي بها؟. خير البلية ما يبكي ومن عوالم الشك تولد الافتراضات.صحيح أن الأحكام المسبقة خنجر مغروس في جسم الحقيقة لكن الحقيقة عملاق نائم على أطراف المدينة يحتقن غيظه المتنامي ولعنة المصير قدر محتوم يطاردنا. مدينتنا ككل المدن، مغرية وساحرة كعملة ذات وجهين.وجه شفاف، مشع وأنيق مرسوم على واجهاتها النظيفة وعلى محيا فتيات الاستقبال عند مداخل الفنادق والمحلات الكبرى يوزعن ببراءة الابتسامات المصطنعة بالمجان، يروجن الدعاية الكاذبة لسلع مغشوشة في الأصل هن جزءا منها. ووجهها الآخر خفيا وقذرا كالنخاسة تفوح منه نتانة الأشياء والخديعة باسم الضرورة استمدت منه الجناية شرعيتها. فتح الصحيفة وفي ركن المجتمع لفت انتباهه عنوان مميز أيقظ في نفسه شهية الكتابة بعد ما كان يظن نفسه قد ضاع وانتهى.كم من مرة حاول كتابة قصته الأخيرة لكنه لم يفلح.كان دائما يحس بالوهن، تتزاحم الأفكار في ذهنه. يتمرد الأبطال على قلمه ويفقد السيطرة أمام قدسية وطن في صورة امرأة مثال أخرج قلما وورقة بيضاء وراح يؤسس لولادة قصة قيصرية سما ها حالة إجهاض.
  يتبع...
تقرأون حوار الكاتب الصحفي جمال بوزيان مع الكاتب علي شريف روان؛ عبر صحيفة «الديوان»؛ العدد رقم 768؛ الصادر يوم السبت 12 شوال 1440 هـ الموافق 15 جوان 2019 م؛ الصفحة رقم 15.الكاتب علي شريف روان في حوار لـ"الديوان"أنصح وزراء الثقافة العرب ببذل جهد لتشخيص واقع الإنتاج وتنفيذ إصلاحات عملت بكل تفان وإخلاص بالديوان الوطني للأرصاد الـجوية متنقلا بين مصالحه الـمختلفة من مصلحة التنبؤات إلى مصلحة المناخ إلى مصلحة الإشارة والاتصالاتأسعى إلى تسجيل اسمي في قائمة رواد الـمشهد الثقافي الـمحلي وأواظب على حضور أغلب النشاطات طول السنةنصيحتي للناشرين أن يتعاملوا بشفافية واحترام المؤلفين وأن يتبعوا الأساليب الحديثة لدور النشر الأجنبيةحوار/الكاتب الصحفي جـمال بوزيان أَستضيفُ أحد فوارس الكتابة القصصيَّة والرِّوائيَّة في العالَم العربيِّ؛ في كتاباته هدوء وإنْ كتب عنِ العاصفة؛ في كتاباته هُدًى يُقاوم كُلَّ تيهٍ... وقدْ سار بمراكبه في دائرة العتمة؛ وأنار طرقًا مُظلمة بقناديل لا تَنطفئ مِن وحي الـمُثقَّفين... وجعل للـمَوتَى بريدًا يليق بهم بعْد ما قاوموا استبداد "التَّقاليد" زمن جهل قاتل لا يَزال يَعصف بـ"أبرياء الـحُبِّ"... كتاباته تُؤرِّخ لفترة امتزجتْ فيها الدِّماء والدُّموع والـمداد.
الكاتب مِن جيل لا يَزال يَذكر السَّنابل والبيادر؛ ويَذكر رائحة الـحصاد الـحلو حين كانتِ الـمَناجل هي الـمَناهل الَّتي يَطعم منها أحرار هذا الوطن الـمُفدَّى.
تَنشُر اليومَ "الدِّيوان" حواري الصِّحفيِّ مع الكاتب عليٍّ شريف روان.هلْ نشرتَ مَجموعتيْكَ القصصيّتيْن على نفقتكَ؟ لم يكن بإمكاني أن انشر أعمالي على نفقتي لأن مواردي محدودة لذا لم تنشر أولى أعمالي إلا بداية عام 2017 م، حيث أبلغت من طرف بعض الكتاب الجزائريين أن هناك دور نشر بالمشرق العربي تطبع أعمال الكتاب بعد تمحيصها وإجازتها مقابل تنازلهم عن حقوقهم، تتعهد الدار أن تعطيهم ما بين 50 إلى 70 نسخة من مجموع 2000 المتفق عليها في العقد وتقوم بتوزيع وبيع ما تبقى في المعارض الدولية التي تشارك فيها.في هذه الحالة يضمن المؤلف الانتشار الواسع لعمله خارج وطنه ويتحصل على شهرة واسعة خارج الديار لأن المقروئية في المشرق العربي أحسن من عندنا.
وهذا ما لم يتوفر للكاتب داخل الوطن حتى وإن دفع من ماله لطباعة عمله.
يبدو لي أن هناك خللا حقيقيا عندنا، لتوطيد العلاقة بين الناشر والمؤلف وخدمة للإبداع المحلي لا بد للناشر أن يحترم المؤلف ولا ينظر إلى مصلحته الخاصة فقط ولا بد للناشر كما تعهد بالطباعة يتعهد بالتوزيع وإقامة ندوات للترويج للمُنتَج وعلى هامشها يتم بيع بالتوقيع للمتعاقدين معه من الكتاب ويشترط على الناشر أن يكون صاحب مهنة وألا يكون وسيطا أي سمسارا يقف حجرة عثرة بين المؤلف ودار النشر وهي ظاهرة نراها تفاقمت في الآونة الأخيرة.
نصيحتي للناشرين أن يتعاملوا بشفافية واحترام المؤلفين وأن يتبعوا الأساليب الحديثة لدور النشر الأجنبية ولحسن الحظ أن هناك من بدأ يسير في هذا الاتجاه الصحيح وهذا ما لمسته شخصيا من خلال متابعتي لدار خيال للنشر والترجمة التي يقف وراءها منتصبا شامخا الكاتب القدير الشاب رفيق طيبي وكذالك أنحني لدار الوطن التي يشرف عليها الشاعر كمال قرور التي تسعى جاهدة في ابتكار أساليب ثورية في ميدان صناعة الكتاب التي تعود كلها بالفائدة على المؤلف والناشر وبصفة عامة تخدم الإبداع المحلي وتوصيل المعلومة إلى القارئ الذي يعتبر هو الآخر حلقة مهمة وأساسية في المعادلة.وتـجربتكَ في كتابة الـمَسرحيّات؟أما في مجال المسرح فقد خضت تجربة فريدة من خلال إنجاز مسرحية (قريتنا) والتي تحصلت عام 2000 م على المرتبة الأولى في إطار تصفيات المهرجان الدولي للشباب على مستوى ولاية وهران.
وكان مضمون المسرحية يجسد الوضع المرير الذي مر به الوطن خلال "العشرية السوداء" وكانت العمل المسرحي يختزل مأساة الوطن برمته في قرية من قرانا في الجزائر العميقة.ماذا قال النّقّاد عن مـجموعتيْكَ القصصيّتيْن؟ فيما يخص ما قاله النقاد فلم يتناول أي ناقد كتاباتي بعد الطبع إلا أن كانت هناك انطباعات نقدية من بعض المعارف يوم نشرت قصصي على صفحات الجرائد اذكر من بينهم الأستاذ نور الدين بوعولة والأستاذة مليكة لوناس التي تناولت مجموعتي الأولى " هدى والعاصفة " على صفحات صحيفة الرأي تحت عنوان "وطأة القدر وروح التمرد في قصص الكاتب علي شريف روان"
حيث تناول الأستاذ بوعولة المجموعة بكثير من الحيادية من الناحية السيميائية أما الاستاذة لوناس فتناولت العمل من الناحية الجمالية والمبنى إلا أنني لا أعتبر هذا نقدا ما دام جاء من طرف معارفي وأعتبره مجاملة فقط.حَدِّثنا عن كتاباتكَ في الصّحف؟كنت من حين إلى آخر أكتب بعض المقالات الانطباعية عن كتابات البعض وأحيانا أغطي
الفعاليات الثقافية وعملت صحفيا مراسلا لصحيفة "الجزائري" الوطنية لفترة قبل أن تختفي
كما كنت مساهما دائما في القسم الثقافي لعدة صحف أذكر منها الرأي، المجاهد الأسبوعي
والأصيل بالفرنسية.كما أشرفت على مستوى بلديتنا على مجلة "فضاءات المدينة" التي لم تعمر لأكثر من عددين فقط رغم الحماس الزائد وهذا يرجع للعراقيل الإدارية وقلة الإمكانيات.هلْ تَرَى َتفاعلَ الكاتبِ مع قضايا مُجتمَعه واجبًا؟تفاعل الكاتب مع قضايا مجتمعه تعد أكثر من واجبا خاصة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها الأمة وبالأخص بلدنا الجزائر التي تتكالب عليه قوى الشر سواء من الداخل أو الخارج.
في مقدور الكاتب الإسهام في تغيير أفراد المجتمع وأفكاره وعاداته وتقاليده وثقافته ككل لتصبح نواة للتغيير للمستوى المطلوب والمستحسن. يستطيع الكاتب الأديب أن يكون مهندسا لما يجب أن يكون عليه المجتمع يوما ما بمجرد أن يقرأ ما يكتبه شريطة أن يقوم بقراءة المجتمع بشكل مناسب يضمن تحقيق طموحاته وأن يكون قادرا على أن يروج ويسوق لذلك التغيير المطلوب.ابعثْ رسالة إلى وزراء الثّقافة العرب.رسالتي إلى وزراء الثقافة العرب أن يهتموا في وضع كتاب موحد عن الثقافة العامة التي يدرسها كل طلاب الوطن العربي لأن الثقافة هي حصننا المنيع وهي التي تجمعنا ولا بد أن نوحد مناهج تدريس اللغة العربية، ولنعمل على نشر ثقافة الانفتاح لكي تتعمق الرؤية لدى الجيل الجديد بوحدة الأمة وقدرتها على النهوض والتطور.
كما أحث وزراء الثقافة العرب أن يضعوا نصب أعينهم أن هناك استهدافا لنا وتدميرا لهذا الوطن العربي وميراثه الثقافي العريق، وأن هناك اختراقا للثقافة العربية وتمييعا للعقول وتجهيلا للفكر العربي وخصوصا الشريحة الكبرى والمستهدف هم الشباب.
كما أنصحهم لبذل كثير من الجهود لتنفيذ إصلاح ثقافي شامل يؤسس سياساتنا الثقافية على تشخيص دقيق لواقع الإنتاج والممارسات الثقافية، وإلى تعزيز مكانة المعرفة وما يرتبط بها من صناعات إبداعية خلاقة، بما يجعلها قادرة على المشاركة في منظومة الإنتاج المعرفي العالمي، مع المحافظة على خصوصيات كيانها العربي الثقافي والحضاري، في جو يتسم بتحديات كبرى تواجه السياسات الثقافية في البلدان العربية ككل.بِحُكم تـجاربكَ في الدّيوان الوطنيّ للإرصاد الـجويّ؛ ما اقتراحاتكَ؟ بحكم تجربتي في الديوان الوطني للأرصاد الجوية فاقتراحاتي تبقى مجرد نصائح للقائمين
على مهنة أحببتها كثيرا وترعرعت فيها حتى أحلت على التقاعد أقول.
- ركزوا على نوعية التكوين الجيد وأعطوا فرص القيادة لمن يستحق كفانا من المحسوبية.
- اهتموا بعلم المناخ لأنه عامل تطور أي مجتمع متخلف ويقدم كثير من الحلول للاكتفاء الذاتي في الميدان الفلاحي ويحد من التبعية للآخر.
- جددوا عتادكم واعتنوا بالعنصر البشري العقليات تغيرت والشباب لا يصبر عن الظلم كما صبرنا نحن السابقون.كيْف تَرَى الـجزائر بعْد 22 فبراير؟ وما هي الـجزائر الّتي تَحلم بها؟أرى الجزائر بعد حَراك 22 فبراير رؤية مغايرة على ما كانت عليه من قبل، ستتشكل نخبة جديدة خاصة من الشباب تقود هذا المسار التاريخي الذي لن يغير في الجزائر فقط، ولكن سيكون له تأثير على البلدان المجاورة بل العالم العربي والإسلامي كله، وسيكون الـحَراك التاريخي في الجزائر وما يحمله من مبادئ وتطلعات مرجعية فكرية وثورية وتاريخية لشعوب أخرى مثل مرجعية الثورة الفرنسية التي حررت أوروبا من الطغيان وبنت ديمقراطياتها على أسس صحيحة.
صراحة فيما يخصني أحلم بجزائر حرة ديمقراطية، حيث تكون العدالة فوق الجميع والفرص متكافئة ولا سيد في هذا الوطن إلا سيادة الشعب والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات.كيْف تَرَى مُستقبَل الثّقافة في الـجزائر والعالَم العربيّ في ظِلِّ موجات التّغيير الكبرى؟إني أرى مستقبل الثقافة في الجزائر والعالم العربي يبشر بالخير خاصة بالجزائر في السنوات العشر الأخيرة أن دل هذا على شيء إنما يدل على الجوائز القيمة والكثيرة التي يحوز عليها الجزائريون سنويا من مختلف المسابقات والفعاليات الدولية في شتى المجالات المختلفة وهذا راجع للمثابرة والاحتكاك بالدول والمجتمعات الأخرى في ظل موجات التغيير الكبرى التي يشهدها العالم والتكنولوجيا الرقمية التي تعد عنصرا مهما للتواصل والتعارف بين شعوب المعمورة.
                  يتبع...
تقرأون حوار الكاتب الصحفي جمال بوزيان مع الكاتب علي شريف روان؛ عبر صحيفة «الديوان»؛ العدد رقم 769؛ الصادر يوم الأحد 13 شوال 1440 هـ الموافق 16 جوان 2019 م؛ الصفحة رقم 15.الكاتب علي شريف روان في حوار لـ"الديوان"فاجأني الإعلام بخبر وفاة الـمؤرخ الدكتور بوعزيز بعد موعدي معه لـمقابلة صحفيةأسعى إلى تسجيل اسمي في قائمة رواد الـمشهد الثقافي الـمحلي وأواظب على حضور أغلب النشاطات طول السنةبعد اهتمامي بالثقافة والأدب لديَّ اهتمام وحيد آخر وهو البستنة أعشق كل ما هو أخضر يبهج الروح ويدخل الفرح على النفس في هذا الزمن الحزينحوار/الكاتب الصحفي جـمال بوزيان أَستضيفُ أحد فوارس الكتابة القصصيَّة والرِّوائيَّة في العالَم العربيِّ؛ في كتاباته هدوء وإنْ كتب عنِ العاصفة؛ في كتاباته هُدًى يُقاوم كُلَّ تيهٍ... وقدْ سار بمراكبه في دائرة العتمة؛ وأنار طرقًا مُظلمة بقناديل لا تَنطفئ مِن وحي الـمُثقَّفين... وجعل للـمَوتَى بريدًا يليق بهم بعْد ما قاوموا استبداد "التَّقاليد" زمن جهل قاتل لا يَزال يَعصف بـ"أبرياء الـحُبِّ"... كتاباته تُؤرِّخ لفترة امتزجتْ فيها الدِّماء والدُّموع والـمداد.
الكاتب مِن جيل لا يَزال يَذكر السَّنابل والبيادر؛ ويَذكر رائحة الـحصاد الـحلو حين كانتِ الـمَناجل هي الـمَناهل الَّتي يَطعم منها أحرار هذا الوطن الـمُفدَّى.
تَنشُر اليومَ "الدِّيوان" حواري الصِّحفيِّ مع الكاتب عليٍّ شريف روان.أيّ قصّة تُهديها للّاجئين في العالَم وضحايا العنف والعنف الـمُضادّ؟ القصة الأنسب التي أهديها للاجئين وضحايا العنف هي قصة "نساء المخيم".ما كان يخطر ببال أحد منا أن يحدث ما حدث.
كان الأمر أشبه بأن تطبق السماء بكل ثقلها على صدرك حتى تكاد تختنق ويفور دمك العربي وقت الضيق معلنا عن ثورة حواس تمكنك من تجاوز الخوف وتشعرك أثناء وقوفك الطويل والمضني عند الحواجز والمعابر بالانفجار.
بخطوات جادة مستقيمة كانت سيدة في مقتبل العمر لم تتعد الثلاثين من عمرها ترتدي جلبابا أسود وغطاء رأس طويل يغطي كتفيها وصدرها.تسير في شارع ضيق قبل أن تدخل أحد المنازل الواقع على الشارع الرئيسي من بابه الخلفي.كانت على أثرها امرأة أخرى على الهيئة نفسها ترتدي معطفا أسودا فوق الجلباب القاتم تحسبا من أن تسقط الدمعة المتحجرة في عيون المخيم منذ الصباح الباكر من هذا اليوم الشتوي البارد.
دخلت هي الأخرى من الباب الخلفي وأغلقته وراءها.خلف الباب ساحة المنزل الواسعة التي كانت تعج بمجموعة من النسوة يلزمن الصمت على مقاعد خشبية التي بدت كأنها استجلبت من مقهى الحي المجاور لتؤدي غرض مفاجئا لم يكن في الحسبان.
كل نسوة مخيم الأمعري جاؤوا بالكامل للاشتراك في حفلة الصمت التي كانت من الممكن أن تكون صخبا ورقصا وتبادل التهاني والقبل لو لم يكن هذا الذي حصل منذ أثنا عشر يوما منذ أن أصيب الفتى سمير بطلقة في الرأس من رشاش مجنس إسرائيلي جاء من الحبشة لم تتمكن مسعفة الهلال الأحمر أن تنقذ حياته. فعلت ما يمكن أن تفعله لكن الإصابة كانت بليغة ودخل في غيبوبة ظلت تتردد عليه وظلت الأنابيب تربطه بنقطة الأمل إلى أن فارق الحياة بين ذراعيها.ما زال كابوسه يطاردها حيث ما حلت ولا تزال مَشاهد البشاعة والغطرسة مرسومة أمام عينيها.حاولت جاهدة أن تمحوا من ذاكرتها كل تلك الصور لكنها لم تستطع.
كان سبر أغوار الوضع القائم صعب للغاية،لا ابتسامات ولا دموع، ولا مكان للكلمات السعيدة ولا حسرة على ما وقع وحدها أم سمير خصبة أضفت شيئا جديدا على الوضع القائم عندما أخذت تستذكر بصوت مجلجل مآثر الانتفاضة الكبرى وشجاعة ابنها الذي زفته شهيدا من أجل حياة الوطن واسترداد الحرية المسلوبة.
في غفلة من الجميع كما دخلت تلك السيدة ذات الجلباب الأسود غادرت المأتم بخطوات جادة مستقيمة من غير أن تكون في إثرها تلك المرأة التي رافقتها، عرجت على بيت ذويها بالمخيم أخبرت إخوتها بأنها ستتأخر في العمل في ذلك اليوم.
ركبت الحافلة بعد أن غيرت من هندامها لم تخرج من البيت إلا وهي في كامل زينتها الشيء الذي لم تقم به من قبل كلما أخذتها الضرورة لزيارة مدينة القدس التي تعشقها حيث يقطن في الجزء العربي أبناء عمومتها التي انقطعت عنها أخبارهم.
لم تضيع وقتها بمجرد أن وصلت انطلقت إلى شارع يافا موزعة الابتسامات من حين لآخر لعساكر مدججين بالسلاح وفي الوقت الذي رأته الأنسب انفلتت من المراقبة دخلت متجرا مكتظا بالزوار البعض جاؤوا من أوكرانيا وآخرين من هولندا حتى منهم من جاء من أمريكا تشعبت لغتهم لكنهم جميعا اتفقوا أن هذه الأرض أرض ميعادهم التي وعدوا بها زورا.
من بين الحشود ومن خلف ضباب الذاكرة أطل الفتى سمير برأسه أمامها، ابتسمت ورددت للمرة الأخير ((بعدك... على هذه الأرض لا شيء يستحق الحياة ما لم...)). ضغطت مرة واحدة بأصابعها على زر حزامها الناسف.دوى انفجار ضخم،تهشم زجاج العمارات والمكاتب القريبة، تعالت الأصوات هنا وهناك.سمعت صفارات الإنذار من بعيد، هرعت فرق الإنقاذ بسرعة وحضر رجال الإطفاء لإخماد ألسنة اللهيب التي طالت الطابق العلوي للمتجر.
حضر رجال الإعلام بكثافة ولفيف من المحققين أغلقوا الشارع بأكمله ولم يسمح لأي ساكن أن يخرج منه أو يدخله.
بعد ساعة من عملية التمشيط والتأكد من الحادثة وحيثياتها أعلنت القناة العاشرة التابعة للجيش الإسرائيلي أعلنت فيه بأن العملية تعد عمل إرهابي نفذته امرأة لأول مرة بحزام ناسف وتوالت التقارير والتحليلات لهذا التطور الجديد في أسلوب المقاومة واستنتج المحققون أن منفذة العملية كانت تدعى وفاء إدريس تعمل في الإغاثة من مخيم الأمعري برام الله وأسفرت الحصيلة المؤقتة عن مقتل صهيوني واحد وإصابة مائة وأربعين آخرين.
هناك بالمأتم في المخيم تعالت زغاريد النسوة عند ما بلغهن الخبر قالت امرأة بين النسوة. وفاء إدريس رفعت رؤوسنا جميعا يا نسوة،وشدت على يد أم سمير المرأة العجوز التي كانت تجلس إلى جانبها، فأفتر ثغرها أخيرا عن ابتسامة خفيفة وبانت في بؤبؤ عينيها علامة الاستحسان والتأييد وما لبثت أن حركت لسانها لتقول شيئا حتى أوجدت نفسها محاصرة بطلبات ملحة من الجموع لتتحدث فباعدن من جو الصمت والحزن المطبق الذي كان سائدا فقالت:
لم أفهم لماذا كانت وفاء تصر على زيارتي يوميا وكلما سألتها عن سبب تغيبها عن عملها كمسعفة في قسم الطوارئ تعطيني بظهرها تحبس دموعها تغادر البيت خلسة وتكتفي بابتسامة ذابلة وتردد على مسمعي قبل أن تختفي (( على هذه الأرض لا شيء يستحق الحياة ما لم...)).ما مشروعاتكَ وطموحاتكَ؟مشروعاتي هي أن أجد صيغة ملائمة لكي أطبع كل أعمالي المتواجدة على شكل مخطوطات، وأن أرى مكتبة البلدية المتواجدة بحينا يسيرها أهل الاختصاص وتفتح للعمال والطلبة والباحثين بعد الدوام الرسمي لتمكن هؤلاء من ارتيادها وإعطائهم فرصة البحث والتعلم.
طموحاتي دائما أن أكون دائما ناشطا في الميدان الثقافي وانشأ نواد أدبية أخرى في كل
الأحياء الشعبية لنشر الوعي وتهذيب العقول.هلْ لديكَ اهتمامات أُخرى؟ بعد اهتمامي بالثقافة والأدب لديَّ اهتمام وحيد آخر وهو البستنة، أعشق كل ما هو أخضر يبهج الروح ويدخل الفرح على النفس في هذا الزمن الحزين.هلْ تَذكُر مَوقفًا حدث لكَ مع أهْل الفكر والتّاريخ والأدب والثّقافة والفنّ وغيرها؟نعم أذكر منذ سنوات ذهبت إلى مركز البريد لأسحب مرتبي الشهري فرأيت الطابور طويلا وكان أمامي رجل طاعن في السن ضعيف البنية يبدو لي مريضا وكأنني أعرفه بدأت أفكر يا ترى من هذا الرجل وبقيت على حالي هكذا إلى أن اهتديت بأنه الدكتور المؤرخ يحيى بوعزيز فسلمت عليه وتذمرت من جموع الناس الذين لم يقدروه وظل طوال الوقت ينتظر دوره، منعني من الكلام وبكل تواضع قال لي: أنا واحد من هؤلاء، حينذاك كنت مراسلا بصحيفة وطنية أخذت منه رقم هاتف بيته وعنوانه ووعدته بأنني سأقوم بمحاورته للقراء في أقرب وقت وهذا شرف لي.
بعد أيام طلبته ردت عليَّ زوجته وأخبرتني بأنه مريض في الفراش لا يستطيع الحديث معك إلا أنه بمجرد ما سمعها أصر أن يحدث المتصل وجدت أن صوته مبحوح ويبدو ضعيفا بمجرد أن قدمت نفسي عرفني ورحب بي وكان مسرورا جدا فضربت له موعدا بعد أيام لزيارته في بيته ريثما يتعافى لأنجز الحوار معه إلا أن غير المتوقع حدث بعد ثلاثة أيام فاجأتني الصحف بخبر وفاته.
أما الشخصية الثانية فهو أنت يا سيدي؛ أتذكر يوم التقينا بالصدفة ولم أكن أعرفك إلا من خلال كتاباتك وصورتك المرافقة لها، يومذاك أنتَ ركبتَ "الترامواي" من محطة الجامعة، وكان المقعد الوحيد الفارغ بجنبي فجلست بقربي أخرجت قصاصة ورق وبدأتَ تكتب... بمجرد أن ركبتَ "الترامواي" عرفتُك، لكنني لم أكن متيقنا أنك أنت فبعد تردد كبير وبرهة من الوقت طرحت عليك السؤال: ألستَ الاستاذ جـمال بوزيان؟ رددتَ عليَّ بالإيجاب، وفي الوقت نفسه سألتني: لطفًا مَن أنتَ؟ أخبرتكَ عن اسمي وقلتُ لك: أنا كاتب لكني لا أعني لك شيئا فقبلتني وقلتَ لي: إني أعرفكَ بصفتكَ قلمًا، سعدتُ كثيرا بلقائكَ، وأنا أيضا سعدتُ كثيرا بما سمعتُه منك، وصرنا أصدقاء. ما آخرُ كِتابٍ قرأتَه أو تَقرأُه حاليًا؟ آخر كتاب قرأته مند سنة ولم أقرأ أي كتاب بعده هو "كذبت وصدقت العرافة" للكاتبة هاجر عبد الباقي.سعيدٌ بلقائكَ اليومَ؛ كرمًا لا أمرًا؛ اختمِ الـحوار.أشكرك جزيل الشكر، وأشكر صحيفة "الديوان" التي أعطتني الفرصة لأطل ضيفا على القراء وخاصة زملائي الكتاب والشعراء في ربوع وطننا الحبيب، وأؤكد لك أن صحيفة "الديوان" هي الوحيدة التي بقيت تهتم بالأدب والثقافة عمرا مديدا لها وللمشرفين عليها
.